يبدو أننى أكثر أهمية مما ظننت..
الأول :
لست من هواة المقالب و لا المزاح العملى ، و لكن بعض الناس يبدو و كأنه يدعوك كى " تشتغله " ، أذكر أن اليوم كان الأثنين كما كان أول يوم أحضر فيه سكشن فى أولى عمارة ، فبرغم أن الدراسة قد بدأت قبلها بيومين الا اننى لم أحضر لتضارب مواعيدها مع مواعيد التدريب العسكرى اللذى كنت اؤديه فى تلك الفترة ، و كانت أول مرة أرى فيها أفراد دفعتى البائسة ، لذا صرت اتجول وسطهم فى استوديو الرسم كالسائح شاعرا بلامبلاة غريبة ، و كان من تقاليد الدراسة أن يقوم المعيد بتوقيع لوحات الرسم البيضاء حتى يضمن أن الطلبة قد قاموا برسم اسكتش التصميم المعمارى داخل قاعة الرسم ، و لأننى كنت دائما أبدو أكبر من سنى ،لذا وجدت أحد الطلبة يقترب منى و يخاطبنى بكل أدب و احترام قائلا : " لو سمحت يا فندم.. تسمح توقع لى على اللوحة؟" و أعقب كلامه هذا بأحناء رأسه فى وداعة ، حتى اعتقدت أنه يظننى أحد كهنة أمون رع و ليس فقط أحد المعيدين لذا وجدت نفسى أقول له بكل محبة أبوية : " قوى قوى يا حبيبى .. فين اللوحة؟" جرى بسرعة ثم قام باحضارها و أعطانى القلم و هو يتراجع خطوات الى الوراء بظهره من فرط الاحترام ، أخذت القلم و قمت بالتوقيع بعطف و قلت : " اتفضل يا سيدى .. أدى توقيعى.." ، ثم انصرفت و اذا به يتبعنى قائلا ً : طب المطلوب مننا ايه دلوقتى يا فندم؟"
أجبت ببرود : و أنا ايش عرفنى انا طالب زيى زيك
نظر لى فى بلاهة حقيقية و صاح قائلا ً: يعنى انت مش معيد ؟
قال : طب ليه؟
قلت : الله .. واحد جاللى و طلب منى توقيعى .. أقوله لأ؟ عايزنى أكسفك يعنى؟
قلت: أقلبها و اشتغل على الناحية التانيه
و تركته و أنا أهز رأسى فى حكمة حقيقية متحسرأ على شباب اليومين دول اللذى لا يعرف كيف يتصرف كما لا يعرف كيف يفرق بين المعيدين والطلبة بينما هو يتابعنى ببصره فى ذهول...
فى الأسبوع التالى علمت أنه قام بالتحويل الى قسم أخر....
الثانى:
كان سفرى الى سلطنة عمان من أقسى التجارب اللتى مررت بها و لكنها كانت – للحق- من أكثرها إفادة ، عندى الكثير من القصص اللتى يمكن أن أرويها و لكن أطرفها كانت تلك : كنت معزوما فى احدى الايام عند أحد الأصدقاء العمانيين و كانت الجلسة تضم خليطا من الجنسيات و الثقافات و من ضمن الجلوس كان هناك بعض أفراد القبائل و البدو البسطاء غير المتعلمين و دار الحديث حتى وجدتهم يتحدثون عما يطلق عليه "العيل كانن فى بطن أمه" ، بالسؤال علمنا أن الفكرة هى أنه فى بعض الحالات لا تكون فترة الحمل لدى المرأة تسعة أشهر كما هى العادة بل قد تمتد الى عام أو عام و نصف أو أكثر يكون فيها " العيل كانن فى بطن أمه" ، بالطبع هذا تفسير مناسب جدا ً لكيف تحمل المرأة من زوجها المتوفى أو اللذى غاب عنها لفترة طويلة ،و بالطبع – من باب الأدب – لم ينطق أحد منا نحن الأجانب الموجودين بكلمة و لكن الأمر لم يعجب أصدقائنا العمانيين المتعلمين لذا أخذو يجادلون فى هذه الفكرة رافضين تصديقها و اخذ الحوار فى الأحتداد حتى غضب أحد الشيوخ كبار السن و صاح قائلا ً : " أنتو ليش مو مصدقين.. أنا نفسى كنيت فى بطن أمى سنتين قبل ما أولد..!!!!"ء
نظرنا الى بعضنا و كتمنا ضحكاتنا بأعجوبة..
الثالث :
أنا لا أبكى.. ليس هذا من قبيل أظهار القوة و الصلابة .. و لكن فى المواقف اللتى أتعرض لها لضغوط نفسية شديدة فأننى – بدلا ً من البكأ تنتابنى حالات فزع تسمى
رباه ، كم أتمنى لو أننى استطيع البكاء...
الرابع :
The Tao of Hashem..."أحد أهم أسرار حياتى هو " طاو هاشم
بالمناسبة ، هم ثمانية عشرة مبدأ حتى الأن...
الخامس :
لست بارعا ً مع الفتيات ،فبالرغم من أننى كنت فى صغرى أظن أننى ذو جاذبية خاصة و أننى سأكبر لأصبح فاتنا ً إلا أنه بمرور الوقت أخذ هذا الأحساس فى التلاشى و بدأت أوقن الحقيقة المؤلمة : أنا لا أثير أهتمام النساء و لا حتى فضولهن ، القاعدة العامة هنا هى أنهن لا يلاحظننى و لا يذكرننى على الأطلاق ، لذا يمكنكم أن تفهموا مدى سعادتى حين التقيت بتلك الفتاة الروسية الحسناء فى أحد الأماكن و استطعت اقناعها بتناول بعض الشراب معى ، كانت الامسية لطيفة للغاية ولم يضايقنى الا انها قالت لى أنها ستسافر الى بلدها لمدة أسبوعين ثم ستعود و لكننى سعدت كذلك عندما طلبت منى رقم هاتفى كى نتقابل مرة أخرى حين تعود ، تبادلنا أرقام الهاتف و عدت الى المنزل فى قمة السعادة ، انتظرت اسبوعين بفارغ الصبر ثم اتصلت بها ، وجدت الهاتف مغلقا ً فأدركت أنها لم تعد بعد ، أرسلت لها رسالة أسالها عن أحوالها و أطلب منها أن تتصل بى حين تعود..
مرت الأيام و نسيت الموضوع ، و ذات يوم فوجئت بالهاتف يرن و برقم غريب يظهر.. قمت بالرد فسمعت صوت فتاة تصيح بحماس قائلة :
هل رأيتم ماذا يحدث هنا ؟ فى البداية كانت الفتيات يكتفين بتجاهلى و عدم تذكرى ...الأن صرن يجرين مكالمات دولية - فقط - لكى يخبرننى أنهن لا يذكرننى....!!!ء
يمكننى اعتبار هذا تقدما ً....ء