الخميس، أغسطس ٠٩، ٢٠٠٧

صدمات غير كهربائية

كان هناك الكثير مما يجب على فعله ، كان يجب أن أبارك للعزيز جادو على خطوبته ، و أن أهنىء العمدة قاسم أفندى على المدونة الجديدة ، و أن أقول لعزام أن اجابة تدوينتة (من هو ؟ ) الأولى هى الماركيز دى ساد ، كما كان يجب أن أتصل بطارق المملوك و أن ألتقى بخالد مصطفى و أن أقوم بالتعليق على مدونة سمباتيك و أن أشكر كل من قام بالتعليق على تدويناتى السابقة ، و لسبب ما لم أفعل شيئاً من ذلك...

التفسير الوحيد لدى هو الأرهاق ، فمنذ بدأت عملى الجديد و أنا أشعر بإنهاك شديد ، فأنا لم أخد أجازة منذ عامين كما لم أعد أحصل على عطلة يوم السبت مثل بقية كوكب الأرض لأن صاحب العمل (اللذى يعمل لمدة ساعة كاملة كل أسبوع) يظن أن الأجازة الاسلامية هى الجمعة فقط و أن الكفار فقط هم من يمكنهم الراحة يوم السبت ، لا تنسوا الرحلة البهيجة اللتى أقضيها كل يوم على الطريق مع ألاف السيارات الصديقة لمدة ساعتين للوصول الى العمل .. كل هذا جعل هدفى الأول فى الحياة هو العودة للمنزل و اتخاذ الوضع الأفقى المحبب و ممارسة رياضة الحملقة فى السقف ، باختصار لا أجد لدى الطاقة لفعل المزيد لهذا لم أنقطعت عنكم طوال الأشهر الماضية.
.
ما اللذى تغير اذا؟ لا شىء ، فقط شعرت برغبة فى الأعتذار عن المدة السابقة و أن أخبركم أننى لم أمت بعد ، أننى سأعود قريبا إن شاء الله ، يقولون أن التاجر حين يفلس فانه يقلب دفاتره القديمة لعله يجد أحمقاً ما يمكنه اخراجه من ورطته ، لحسن الحظ أن لم أفلس بعد ، بل اننى أجروء على القول أنه هناك الكثير اللذى أنوى قوله ، فقط أحتاج الى بعض الوقت ، لذا استأذنكم اليوم فى أعادة نشر مقال قديم لى أعتز به كثيرا كنت قد أرسلته الى مجموعة الفاجومى قبل إنشاء تلك المدونة ، و ذلك لحفظه من ناحية و تذكيركم بأننى لازلت أنوى ازعاجكم بثرثرتى من ناحية أخرى.
.
اننى حاليا احاول الحصول على أجازة قصيرة أعود فيها الى القاهرة ، حيث يمكننى الحصول على بعض الراحة، و من يدرى ؟ ربما يمكننى الألتقاء ببعضكم أو معاودة الكتابة أو حتى مجرد الأستلقاء أثناء ممارسة بعض الأنشطة الممتعة من نوعية مشاهدة طلاء الحائط و هو يجف أو متابعة حشائش الحديقة و هى تنمو..

تحياتى للجميع
صدمات غير كهربائية

كان مشهدا غريبا ذلك الذى حدث منذ عامين أو أقل قليلا.. مصر كلها على أهبة الإستعداد لمعرفة من سيحظى بتنظيم كأس العالم لعام 2010 ، كان البعض واثقا من أننا سنفوز و البعض مترددا" و البعض واقعيا" ، و لكن حتى أكثر المتشائمين لم يكن يتوقع ما حدث، لقد أعلن رئيس الفيفا أن جنوب أفريقيا قد حازت على هذا الشرف بعد منافسة شديدة مع المغرب توزعت على إثرها الأصوات بينما تجاهل ذكر مصر حفظا لماء الوجه ، لم يشفع لنا إرسال عمر الشريف أو الطفل المعجزة الذى يجيد التحدث بسبع لغات حيه أو ميته و لا العين السحرية التى أخترناها شعارا قيما (باعتبار أن العين عليها حارس) و ما الى ذلك..

هنا تعالت الصرخات الهيسترية.. من يظن الفيفا نفسه؟ كيف تحصل حضارة سبعة ألاف سنة على صفر؟ لقد بنينا لهم الأهرام فماذا يريدون منا أكثر من ذلك؟ و على الجانب الأخر كيف تفوز جنوب أفريقيا؟ إنك لا تستطيع أن تمشى فى شوارعها ليلا بدون مطواة قرن غزال فى جيبك و أر بى جى فى جيبك الأخر.. ناهيك عن الحديث عن الرشاوى التى طلبها أعضاء اللجنه و أن مصر لن تلطخ سمعتها بإستخدام طرق ملتوية و الى أخر هذا الهراء.. لكن الجميع كان يعلم أن احقيقة أبسط من ذلك بكثير .. لقد أكتشف الفيفا أن مصر لا تستحق شيئا" فلم يعطها أى شىء.. أذكر أنه بعد ذلك بعدة أشهر سافرت والدتى لحضور مؤتمر فى جنوب أفريقيا ، لم يكن المؤتمر فى مدينة كبيرة كجوهانسبرج أو كيب تاون و لكنه عقد فى مدينة ساحلية صغيرة تسمع ديربان ( توازى الإسماعيلية عندنا) ، و حين عادت سألتها عن رأيها فى جنوب أفريقيا، فلخصت لى الموضوع ببساطة قائلة " نحن لا نستحق أن نأخذ صفرا".. نحن نستحق أن نضرب بالجزمة"..

لقد كان الدرس قاسيا بحق .. تستطيع أن تتحدث كما شئت و لكن فى النهاية سيتعامل معك الجميع بقيمتك .. و بقيمتك الحقيقية فقط و ليس ما تدعى أنك عليه .. شىء كهذا حدث ولكن بصورة أكثر دموية أيام الحملة الفرنسية عندما كان المماليك سعداء بشواربهم الطويلة و سيوفهم الحادة و أخذوا يسخرون من الفرنسيين المائعين حليقى الوجه الى أن وقعت المعركة و قتل الفرنسيون ثلاثة ألاف من المماليك فى حين قتل المماليك أربعة فرنسيين فحسب.. يومها كان وقع المفاجأة شديدا و يبدو أننا برغم كل هذه القرون لم نتعلم الدرس..

ربما كان منطقيا حدوث مثل تلك الصدمة الحضارية أيام الدولة العثمانية حين كان الباب العالى يفرض ستارا ضبابيا كثيفا لمنع أيا" من ولاياته بالإتصال بالعالم الخارجى عملا" بالنظرية الشهيرة .. " إن حكم شعب جاهل أسهل مائة مرة من حكم شعب متعلم".. و لكن ما حجتنا اليوم؟ منذ أوائل القرن العشرين و أبواب العالم مفتوحة على مصراعيها.. فقد كان يمكنك أن تسافر و تقارن و تتعلم و أو على الأقل تعرف نفسك على حقيقتها .. فلماذا كانت المفاجأة إذن؟..

هل تريدون معرفة رأيى المتواضع ؟ حسن .. حدث ذلك لأننا ببساطة كنا نكذب.. كذبنا حين قلنا أن الإستعمار كان السبب الوحيد لتخلفنا و أننا سنكون أفضل تلقائيا" بمجرد أن نتخلص منه، و كذبنا حين قلنا أن الأخرين يتربصون بنا دائما و أنه لا خطاء فينا و إنما مؤامراتهم هى التى تشلنا و كذبنا حين قلنا أننا نعيش أزهى عصور الحرية و الديموقراطية و ان المسألة مسألة وقت قبل أن نصلح من أحوالنا الإقتصادية و عندها سنكون على ما يرام.. و ظللنا نكذب و نكذب حتى صدقنا أننا نقول الحقيقة .. إننا كلنا نفعل ذلك حتى فى حياتنا العادية.. نحاول أن نخفى الحقيقة لأننا لو رأينا أنفسنا كما هى فربما لن يعجبنا ما نراه.. و عندئذ لن نجد من نلومه سوانا نحن..

السؤال هو : هل يكفى هذا كعذر ؟

لحسن الحظ أننى لست مضطرا" للإجابة.